Tweet
اتسم عهد الملك غازي (1933-1939)بالمنافسة والصراع الحاد بين الساسة القدماء من اجل الحصول على المكانة والحظوة لدى الملك غازي،وقد أستعمل المتنافسون الأساليب والوسائل المختلفة للوصول إلى السلطة،فتارة يستعينون بالعشائر،وقوة أعظم وهي الجيش تارة أخرى،وقد تعاظم نفوذ المؤسسة العسكرية بعد انقلاب بكر صدقي في 29 تشرين الأول 1936،وأصبح فيها الجيش القوة الأكثر تأثيراً في المعادلات السياسية في عقد الثلاثينات،وبعد فشل حركة مايس 1941 وهروب قادة الحركة السياسين والعسكريين خارج البلاد.وخلال تطور المؤسسة العسكرية مرت بمرحلتين الأولى يمكن أن نطلق عليها مرحلة الانكفاء،إذ انكفاءت على ذاتها من حيث الحجم الكمي والنوعي وانخفض تأثيرها السياسي،وفسح المجال لصعود المؤسسة العثمانية/البريطانية ثانية عبر رموزها من الضباط الكبار، ولاسيما الشريفيون منهم بعدما أصابهم شيء من التحجيم المؤقت في عهد العقداء الأربعة.
وبالعودة إلى انقلاب بكر صدقي، وكما هو معروف أن جعفر العسكري وزير الدفاع في حكومة ياسين الهاشمي الثانية قد اغتيل أثناء سير الانقلاب وقصة اغتياله باتت معروفة للجميع،وشاع في بغداد بعد نجاح الانقلاب وتأليف وزارة جديدة برئاسة حكمت سليمان عزم الحكومة على تصفية أقطاب الحكومة السابقة،وقد دلت وقائع الأحداث لاحقا أن نوايا بكر صدقي العدائية هي وحدها كانت تتجه لتصفية خصومه ومنافسيه على الحكم جسدياً، وقد ضمت قائمة بكر صدقي أربعة من ابرز أقطاب الحكومة السابقة ورجال السياسة في تلك المرحلة وهي كل من جعفر العسكري الذي أصبح في عداد الموتى،كما أسلفنا، وياسين الهاشمي رئيس الوزراء المستقيل ونوري السعيد وزير الخارجية في حكومته ووزير داخليته رشيد عالي الكيلاني،وفي هذا السياق يورد لنا المؤرخ الكبير عبد الرزاق الحسني في مؤلفه تاريخ الوزارات العراقية،الجزء الرابع،الطبعة السابعة ص232-236 روايات عدة من شانها أن تكشف النوايا العدائية لبكر صدقي ضد خصومه،ولعل أهم هذه الروايات هي رواية رئيس وزراء حكومة الانقلاب التي أدلى بها للحسني عند لقائه به في مسكنه الواقع في منطقة الصليخ ببغداد ظهر يوم السبت الموافق 16نيسان 1938،وحينها لم يكن رئيساً للوزراء ،ولأهميتها نثبتها كمت هي: جاء فيها:"جاءني بكر صدقي إلى ديوان وزارة الداخلية مساء يوم الانقلاب وأعرب عن رغبته في أن يتعشى عندِي هو وبعض الضباط والجنود في مساء اليوم المذكور فرحبت بالطلب،وانتقلنا إلى الدار،وبعد أن أكلنا،قال بكر إن كلا من هؤلاء الضباط سيتولى قتل احد الوزراء فماذا تقول، فقلت له إني مستعد لاستحصال إرادة ملكية بجعلك رئيساً للوزراء فتفعل ماتريد،فاستغرب بكر هذا الجواب مني وقال أن القوم سيقتلوننا إذا لم ..."،وأضاف حكمت أنا ابلغ مستشار وزارة الداخلية الميجرادمونس بنوايا بكر صدقي هذه،وقد ساعد هذا الإبلاغ البريطانيين في اتخاذ خطوات عاجلة لمنع بكر صدقي من تنفيذ مخططه،وكما سنوضح لاحقاً،وتعطي رواية حكمت المبررات التي ساقها بكر صدقي لاغتيال خصومه إلا وهي خوفه من أن يقدموا على عمل من شانه أن يهدد حياته ويقضي على حكمه،ولكي يقطع الطريق عليهم،ويبدد مخاوفه وشكوكه خطط لاغتيالهم،تطابقت رواية حكمت سليمان مع روايتين اخريتين الرواية الأولى أدلى صالح جبر وزير العدلية في حكومة الانقلاب للحسني يوم 25مايس 1939في ديوانه الرسمي،وجاء فيها:"لما وصلت إلى بغداد من كربلاء عصر يوم الخميس 29 تشرين الأول زرت المرحوم ياسين الهاشمي(ت1938 ودفن بجوار قبر صلاح الدين بدمشق) في داره وعرضت عليه فكرة اشتراكي في الوزارة الجديدة،فأشار عليّ بضرورة قبول التكليف"،وكان يفهم من كلام الهاشمي انه يريد اشتراك صالح جبر في وزارة الانقلاب لكي يخفف من غلواء الانقلابين ويحول دون الفتك بهم،فان القوم مصممون على التعرض لحياتنا"بحسب قول الهاشمي،ويفهم من كلامه انه أيقن آن حياته وحياة زملائه باتت في خطر،والرواية الثانية هي رواية رشيد عالي الكيلاني الذي أفاد فيها للحسني انه الملك غازي قد نقل إليه بوساطة مرافقه الأقدم طلباً بمغادرة البلاد فوراً،وقد فهم الكيلاني دوافع الطلب،لاسيما بعد أن علم إن كلاً من ياسين الهاشمي ونوري السعيد قد بلغا عين الرسالة التي حملها مرافق الملك يوم 30 تشرين الأول 1936،أي بعد مرور يوم واحد على الانقلاب،واغلب الظن أن إشارة الملك غازي إلى نوري السعيد وياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني قد جاءت من رئيس الحكومة الذي اطلع على نوايا بكر صدقي العدائية،ولم يكن حكمت يريد أن يذهب بعيداً في انتقامه من خصومه،بمعنى أخر انه لم يوافق بكر صدقي في نواياه المبيتة تلك. على آية حال أن الرسالة قد وصلت جيداً إلى المستهدفين،وأدركوا إن بقاءهم يعني الفتك بهم من قبل بكر صدقي،فقرر مغادرة البلاد.ففي مساء يوم الجمعة 30 تشرين الأول غادر كل من ياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني بغداد صوب الحدود السورية برفقة عدد من سيارات الشرطة المسلحة،أما نوري السعيد فقد التجأ إلى السفارة البريطانية ومن ثم نقل إلى القاهرة على متن طائرة عسكرية بريطانية.
بقي هاجس الخوف والقلق مسيطراً على حياة ياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني رغم تركهم للبلاد،ومما زاد من مخاوفهم وقلقهم الشائعات التي انطلقت من بغداد ووصلت مسامعها إلى بيروت التي وصلاها،مفادها ان الانقلابين يعدون العدوة لتنفيذ مخطط يستهدف اغتيال الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني ببيروت،وكانت هذه الشائعات من القوة بحيث إن المندوب السامي الفرنسي في بيروت اخبر بها سلفاً،مما ألزمه التحوط والحذر وإصدار تعليمات مشددة تكفل حماية رجال الوزارة السابقة.وحيال تلك الشائعات قرر رشيد عالي الكيلاني مغادرة بيروت إلى اسطنبول للاستقرار فيها مؤقتاً لعله يجد فيها ملاذاًَ أمناً. ومهما يكن من أمر،أن نوايا بكر صدقي ومخططاتها باءت بالفشل،وأدى الصراع على السلطة فيما بعد إلى مقتل بكر صدقي بتاريخ11آب 1937 في مدينة الموصل. كشفت نوايا بكر صدقي العدائية عمق الصراع الذي دار حول السلطة في هذه المرحلة،فلم يتوان المتنافسون عليها استعمال شتى الوسائل حتى القذرة منها من اجل الوصول إليها ،والتشتيت بها،فالسلطة غدت مطمع ومطمح جميع المتنافسين من السياسيين، ولم يكن إزاحة أي منهم بالوسائل الديمقراطية ممكناً،فلجئوا إلى إتباع وسائل غير تقليدية ، فكانت الانقلابات العسكرية والاغتيالات السبيل لتحقيق ماعجر عنه الحوار الذي بات مسدوداً في كثير من الأحيان.
وبالعودة إلى انقلاب بكر صدقي، وكما هو معروف أن جعفر العسكري وزير الدفاع في حكومة ياسين الهاشمي الثانية قد اغتيل أثناء سير الانقلاب وقصة اغتياله باتت معروفة للجميع،وشاع في بغداد بعد نجاح الانقلاب وتأليف وزارة جديدة برئاسة حكمت سليمان عزم الحكومة على تصفية أقطاب الحكومة السابقة،وقد دلت وقائع الأحداث لاحقا أن نوايا بكر صدقي العدائية هي وحدها كانت تتجه لتصفية خصومه ومنافسيه على الحكم جسدياً، وقد ضمت قائمة بكر صدقي أربعة من ابرز أقطاب الحكومة السابقة ورجال السياسة في تلك المرحلة وهي كل من جعفر العسكري الذي أصبح في عداد الموتى،كما أسلفنا، وياسين الهاشمي رئيس الوزراء المستقيل ونوري السعيد وزير الخارجية في حكومته ووزير داخليته رشيد عالي الكيلاني،وفي هذا السياق يورد لنا المؤرخ الكبير عبد الرزاق الحسني في مؤلفه تاريخ الوزارات العراقية،الجزء الرابع،الطبعة السابعة ص232-236 روايات عدة من شانها أن تكشف النوايا العدائية لبكر صدقي ضد خصومه،ولعل أهم هذه الروايات هي رواية رئيس وزراء حكومة الانقلاب التي أدلى بها للحسني عند لقائه به في مسكنه الواقع في منطقة الصليخ ببغداد ظهر يوم السبت الموافق 16نيسان 1938،وحينها لم يكن رئيساً للوزراء ،ولأهميتها نثبتها كمت هي: جاء فيها:"جاءني بكر صدقي إلى ديوان وزارة الداخلية مساء يوم الانقلاب وأعرب عن رغبته في أن يتعشى عندِي هو وبعض الضباط والجنود في مساء اليوم المذكور فرحبت بالطلب،وانتقلنا إلى الدار،وبعد أن أكلنا،قال بكر إن كلا من هؤلاء الضباط سيتولى قتل احد الوزراء فماذا تقول، فقلت له إني مستعد لاستحصال إرادة ملكية بجعلك رئيساً للوزراء فتفعل ماتريد،فاستغرب بكر هذا الجواب مني وقال أن القوم سيقتلوننا إذا لم ..."،وأضاف حكمت أنا ابلغ مستشار وزارة الداخلية الميجرادمونس بنوايا بكر صدقي هذه،وقد ساعد هذا الإبلاغ البريطانيين في اتخاذ خطوات عاجلة لمنع بكر صدقي من تنفيذ مخططه،وكما سنوضح لاحقاً،وتعطي رواية حكمت المبررات التي ساقها بكر صدقي لاغتيال خصومه إلا وهي خوفه من أن يقدموا على عمل من شانه أن يهدد حياته ويقضي على حكمه،ولكي يقطع الطريق عليهم،ويبدد مخاوفه وشكوكه خطط لاغتيالهم،تطابقت رواية حكمت سليمان مع روايتين اخريتين الرواية الأولى أدلى صالح جبر وزير العدلية في حكومة الانقلاب للحسني يوم 25مايس 1939في ديوانه الرسمي،وجاء فيها:"لما وصلت إلى بغداد من كربلاء عصر يوم الخميس 29 تشرين الأول زرت المرحوم ياسين الهاشمي(ت1938 ودفن بجوار قبر صلاح الدين بدمشق) في داره وعرضت عليه فكرة اشتراكي في الوزارة الجديدة،فأشار عليّ بضرورة قبول التكليف"،وكان يفهم من كلام الهاشمي انه يريد اشتراك صالح جبر في وزارة الانقلاب لكي يخفف من غلواء الانقلابين ويحول دون الفتك بهم،فان القوم مصممون على التعرض لحياتنا"بحسب قول الهاشمي،ويفهم من كلامه انه أيقن آن حياته وحياة زملائه باتت في خطر،والرواية الثانية هي رواية رشيد عالي الكيلاني الذي أفاد فيها للحسني انه الملك غازي قد نقل إليه بوساطة مرافقه الأقدم طلباً بمغادرة البلاد فوراً،وقد فهم الكيلاني دوافع الطلب،لاسيما بعد أن علم إن كلاً من ياسين الهاشمي ونوري السعيد قد بلغا عين الرسالة التي حملها مرافق الملك يوم 30 تشرين الأول 1936،أي بعد مرور يوم واحد على الانقلاب،واغلب الظن أن إشارة الملك غازي إلى نوري السعيد وياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني قد جاءت من رئيس الحكومة الذي اطلع على نوايا بكر صدقي العدائية،ولم يكن حكمت يريد أن يذهب بعيداً في انتقامه من خصومه،بمعنى أخر انه لم يوافق بكر صدقي في نواياه المبيتة تلك. على آية حال أن الرسالة قد وصلت جيداً إلى المستهدفين،وأدركوا إن بقاءهم يعني الفتك بهم من قبل بكر صدقي،فقرر مغادرة البلاد.ففي مساء يوم الجمعة 30 تشرين الأول غادر كل من ياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني بغداد صوب الحدود السورية برفقة عدد من سيارات الشرطة المسلحة،أما نوري السعيد فقد التجأ إلى السفارة البريطانية ومن ثم نقل إلى القاهرة على متن طائرة عسكرية بريطانية.
بقي هاجس الخوف والقلق مسيطراً على حياة ياسين الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني رغم تركهم للبلاد،ومما زاد من مخاوفهم وقلقهم الشائعات التي انطلقت من بغداد ووصلت مسامعها إلى بيروت التي وصلاها،مفادها ان الانقلابين يعدون العدوة لتنفيذ مخطط يستهدف اغتيال الهاشمي ورشيد عالي الكيلاني ببيروت،وكانت هذه الشائعات من القوة بحيث إن المندوب السامي الفرنسي في بيروت اخبر بها سلفاً،مما ألزمه التحوط والحذر وإصدار تعليمات مشددة تكفل حماية رجال الوزارة السابقة.وحيال تلك الشائعات قرر رشيد عالي الكيلاني مغادرة بيروت إلى اسطنبول للاستقرار فيها مؤقتاً لعله يجد فيها ملاذاًَ أمناً. ومهما يكن من أمر،أن نوايا بكر صدقي ومخططاتها باءت بالفشل،وأدى الصراع على السلطة فيما بعد إلى مقتل بكر صدقي بتاريخ11آب 1937 في مدينة الموصل. كشفت نوايا بكر صدقي العدائية عمق الصراع الذي دار حول السلطة في هذه المرحلة،فلم يتوان المتنافسون عليها استعمال شتى الوسائل حتى القذرة منها من اجل الوصول إليها ،والتشتيت بها،فالسلطة غدت مطمع ومطمح جميع المتنافسين من السياسيين، ولم يكن إزاحة أي منهم بالوسائل الديمقراطية ممكناً،فلجئوا إلى إتباع وسائل غير تقليدية ، فكانت الانقلابات العسكرية والاغتيالات السبيل لتحقيق ماعجر عنه الحوار الذي بات مسدوداً في كثير من الأحيان.