2012-02-23

الربح والخسارة في انسحاب الامريكان من العراق







التكبر والخُيلاء صفتان ذميمتان وكل من تزيّا بهما لا بد هالك وتكون عاقبته إلى زوال، فلقد ظلت الولايات المتحدة الامريكية على مدى تاريخها المعاصر تجر سرابيل الخيلاء في كل شؤونها وعلاقاتها مع العالم فتنظر لغيرها نظرة دونية، فالأمريكي بطبعه ضيفا كان أم غازيا ترافقه صفة التجبر والشعور بامريكيته القبيحة ونستثني النفر القليل منهم من اخلص لإنسانيته وخرج من شرنقة الأمريكي المكروه على نطاق المعمورة فهم لا يرعوون لسياقات دين أو ثوابت ولا يوقف صلفهم هذا إلاّ القوة فهم يحبون الحياة فامريكا ترسل الطائرات والسفن الحربية تخترق أجواءها.
وتتجاوز على مياهها الإقليمية ناهيك عن دور مخابراتها في افتعال الأزمات والانقلابات حتى باتت تقحم انفها في ابسط الأمور بذريعة حماية حقوق الإنسان وتتناسى ملايين البشر من الهنود الحمر استأصلتهم من خارطة الوجود وبنت على جماجمهم مجدا تسميه الديمقراطية ولم تستثن احد من العالمين سوى دويلة إسرائيل التي جعلت منها بارجة متقدمة للتوسع على حساب العرب وخلق المؤامرات في آسيا وإفريقيا، فمنذ إعلان الرئيس اوباما انه سيسحب قواته من العراق حال فوزه في الانتخابات ولكن هل جاء الانسحاب الأمريكي من العراق وخزة ضمير متأخرة شعرت بها أمريكا نتيجة.
جرائمها في العراق وما أحدثته من دمار وخراب لم يشهد له التاريخ مثيل؟ وياتي الجواب ان السبب المباشر الذي تجرعته أمريكا سماً هو الضربات القوية التي وجهتها المقاومة الشعبية المسلحة والتي جعلت من القوة الأعظم تترنح وتُسلم بأنها لا تستطيع مجارات العمليات النوعية للمقاومة والتي جعلت أمريكا تغير من خططها الإستراتيجية الحاضرة في عدم استخدام المشاة في عملياتها في المدن وأثبتت فشل قوات النخبة لديها المسماة (المارينز)ولكننا وغيرنا نتساءل عن أسباب هذا الانسحاب هل هو نتيجة لتحقيق أهدافٍ حققتها لكننا نرى أنها خرجت من العراق لا تستطيع أن تقول للعالم أنا القوة الأعظم ناهيك عن فشلها في تصدير الديمقراطية الدموية للعراق- وخير دليل على ذلك المشهد السياسي في العراق وما يعتوره من صراعات ،وهنا لا بد من حقائق رافقت هذا الانسحاب: لقد كان الكيان الصهيوني وعلى مدى تاريخه يُمني النفس بالوصول إلى العراق بأي طريق كانت وقد تحقق له ذلك الحلم وشارك مشاركة فعلية في الحرب على العراق من خلال مشاركة وحدات عسكرية مقاتلة ونهب المتحف العراقي وعمليات التخريب للبنى التحتية للمؤسسات العلمية ومشاركة الموساد في قتل المئات من العلماء ناهيك عن تقديم المشورة في استهداف رموز المقاومة.
الوطنية وقتل العلماء وتقطيع أوصال القرى والقصبات بالكتل الكونكريتية كما تفعل في الأراضي الفلسطينية وكذلك إشراف محققين صهاينة في التحقيقات التي تجري في القواعد الأمريكية وحتى ممارسة الطقوس الدينية تحديا لمشاعر المسلمين وما واجهات الشركات إلا أوكار للجاسوسية بعلم البعض من الذين زاروا إسرائيل واتفقوا على مشاريع اقتصادية لكن اليقين المؤكد للانسحاب الحالي من العراق أثار حالة من الفزع بعد تعاظم الخسائر الأمريكية قبل الانسحاب ووصلت ذروتها، وكذلك الضغط الكبير للمعارضة الشعبية الأمريكية للوجود الأمريكي في العراق لكن وصول مئات النعوش للجنود الأمريكان كان عاملا مساعدا لاستياء عوائل أولئك الجنود رغم تقديم رموز السياسة في العراق هدايا ثمينة للجرحى والقتلى وصار الشعب يتساءل عن جدوى حرب لا فائدة ترجى منها أرهقت جيوب دافعي الضرائب الأمريكان ولكن كان الأكثر فزعا من انسحاب الأمريكان كان الكيان الصهيوني ،فقد نقل الموقع العبري لصحيفة (ها آرتس)نقلا عن مسؤولين أمنيين أن هنالك قلقاً شديداً من إقدام الولايات المتحدة على بلورة إستراتيجية جديدة للفرار من العراق فبقاء هذه القوات يقلص المخاطر على دولة إسرائيل وبالتالي انتقال المقاومة من العراق إلى داخل إسرائيل وكانت إسرائيل ترى أي تدخل للولايات المتحدة يعتبر أمراً مهما لِضرب الحركات الإسلامية ويعزز أهداف تبحث عنها إسرائيل، لكن ورغم تأكيد الرئيس اوباما عزمه على إخلاء الساحة العراقية من التواجد الأمريكي في العراق إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية تريد الاستعانة بأكثر من 7000 آلاف فرد تتعاقد معهم لحماية الموظفين المدنيين الذي يشاركون في الخطط الأمنية حسب قول المتحدث باسم الخارجية الأمريكية (كراولي) وهذا ما رفضه الشعب العراقي نتيجة للتاريخ الأسود للشركات الأمريكية لما بقي في أذهان العراقيين قيام متعاقدين من شركة بلاك ووتر قتل 14
عراقيا في ساحة النسور وبدم بارد وان هذه الشركات تتصرف فوق القانون وأضاف كراولي لدينا خطط محددة لزيادة أمننا فيما يغادر الجيش الأمريكي العراق وهذا الأمر ليس رخيصا بالطبع وباهض التكلفة لدافع الضرائب الأمريكي، أما الجانب العربي فأصبح شغلهم الشاغل هذا الانسحاب لاعتبارات كثيرة أهمها أن المواطن شعر كثيرا بثقل العراق المستقر على أمنه وعمقه تجاه الأطماع الإقليمية وليس العرب لوحدهم من يرغبون ويلحون في خروج الاحتلال الأمريكي لأنه أصبح اختلالا كبيرا في امن منطقة يعتمد عليها الاقتصاد والآلة الغربية واليابان من ناحية الطاقة، وهنالك.
عامل آخر غير منظور هو انفراد أمريكا بكعكة العراق دون غيرها وبالتالي تشعر تلك الدول بالغُبن وانسحاب أمريكا يعني الحصول على استثمارات في العراق، ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه هل ربح العرب من احتلال العراق الجواب يأتي سريعا لقد خسر العرب الكثير من احتلال العراق واعتلاله يعني اعتلال البنية الرسمية والشعبية فكما كان العراق ملهما للشعراء والأدباء وملاذا آمنا للمظلومين أصبح محتلا تنهشه رياح الحقد الشرقية والغربية وكان المستفيد الأول من هذا الاحتلال هو الكيان المسخ في فلسطين الذين أعلن رفع حالة الطوارئ فور إعلان بوش احتلال العراق الذي كان يشكل عامل تهديد لكل مخططات التوسع وقطب رحى يدور حولها الفلك العربي.

عبيد حسين سعيد


هناك تعليق واحد:

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...